نداء وتحذير إلى العلويين في سوريا
8 / 1 / 2012م
ـ لسنا بطائفيين، ولا نقبل الطائفية، ولا يرتضي ديننا الطائفية، ودييننا يوجب عقاب الظالم مسلماً كان أو من أي دين آخر أو طائفة أخرى أو من أي عرق أو بلد.
ونحن نعاني في سوريا منذ أربعة عقود حكم الطائفية لنا، من طائفة استبدت بالحكم، وميزت طائفتها على الشعب، وعلى أكثرية الشعب، والعالم ساكت على هذه الطائفية التي عانينا منها، وقبل أن تقوم دولة الأكثرية في سوريا يتخوف العالم من أن تأتي دولة طائفية، لماذا تزعجكم طائفية الأكثرية، ولا تزعجم طائفية الأقلية، أم إن الديمقراطية حق لجميع الطوائف والأديان، إلا للمسلمين؟
ـ والنظام الذي خرج عليه الشعب السوري ثائراً، نظام طائفي: يقتل على أساس الطائفية، ويعاقب على أساس الطائفية، ويتجاوز القانون على أساس الطائفية، ويولي المناصب على أساس الطائفية، وخاصة المناصب السياسية العسكرية والاقتصادية.
وهذا إذا جهله كثير من أبناء العالم؛ فكل سوري يعمله حتى أبناءُ الطائفة العلوية أنفسُهم.
لذلك نوجه نداءنا إلى الطائفة العلوية النصيرية، الذين لم يتورطوا بالدماء، والذين لم يشاركوا الحكم في الظلم والطغيان:
إن سكوتكم اليوم عن طائفية النظام الذي ينتمي إليكم؛ يجعلكم في صف هذا النظام، فواجبكم أن تتبرؤوا من أفعاله، وأن تثوروا عليه، وأن تكون مع الشعب في ثورته المشروعة، وإلا فإن الشعب بطوائفه وأقلياته وأطيافه؛ سوف يحملكم مسؤولية سكوتكم، لا سيما وأنتم المنتفع الأول من هذا النظام الطائفي.
ـ لم نلحظ أي تحركي علوي ضمن هذه الثورة، سوى أفرادٍ قليلين، لا يمثلون الطائفة، وتتبرأُ منهم الطائفة الآن، كما يتبرأ منهم النظام.
وأنتم ـ أيها العلويون ـ أقرب الناس إلى هذا النظام الطائفي، وأفراد طائفتكم هم أركان هذا النظام ومفاصلُه، وأنتم أقدر الناس على إزاحة النظام وإراحة البلاد منه، فشاركوا شركاءكم من الشعب السوري في ثورتهم، شاركوهم في الإضراب والعصيان المدني، شاركوهم في فضح المجرمين من هذا النظام، ولو كانوا من طائفتكم العلوية، شاركوهم في التخلص من المجرمين الذي يأمرون بالقتل، ويكذبون على الأمة والشعب، شاركوا شعبكم السوري؛ لتكون لكم يدٌ بيضاءُ يحفظها لكم الشعب الوفي.
وإن أبيتم فلا تلوموا إلا أنفسكم، فإن تمالُؤَكم وعونَكم لهذا النظام؛ لا يراه الشعب السوري إلا مشاركة في الإجرام والطغيان، وتأخيراً لعذابات الشعب ومعاناته وإيغالاً في مزيد من دماء الطوائف الأخرى والتي تمثل أكثرية الشعب.
ـ لا يغرنكم ما بأيديكم من القوة والسلاح والحكم والإعلام، فإن عزيمة الشعب وإصراره على ثورته، وقراره في عدم الرجوع عنها؛ أكبرُ من قوة السلاح، فالإرادة لا يقاومها السلاح، والباطل والظلم لا يدوم، والفساد مفضوح، فكيف وقد انهزمتم في نفوسكم، وقذف الله في قلوبكم الرعب . . عودوا إلى رشدكم، فالبركان قريب.
﴿ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم، وإن أسأتم فلها ﴾، إن أحسنتم فلن تجدوا من الشعب إلا خيراً وعفواً وإحساناً، وإن نسيتم وطنيتَكم وانتماءَكم إلى هذا الشعب؛ فلا تطلبوا من أمثالي أن يدافع عنكم ولا أن يحمي حقوقكم بعد نصر الثورة.
ـ وإذا كنتم أيها العلويون تتوجهون إلى حرب طائفية، فهذا شأنكم وذنبكم، ونحن نحذركم من ذلك، وليس ذلك في مصلحتكم، ونحن مضطرون عندئذ للدفاع عن أنفسنا.
ـ إن علماءَ سوريا وقياداتِ الثورة يتوجهون إلى كل فرد من الشعب السوري بحميع أديانه وطوائفه؛ أن مستقبل سورية الحرة؛ خير لكم من حاضرها الإجرامي القمعي الظالم.
خيركم ومستقبلكم ومصالحكم؛ في دولةِ ما بعد الثورة:
دولةُ حق وعدل، فلا ظلم ولا فساد ولا باطل . .
دولة حرية، فلا قمع ولا إرهاب ولا مصادرة ولا تضييق . .
دولة تعاون على الخير، فلا استئثار، ولا استكبار، ولا إقصاء، ولا تضييع لطاقات البلد ومؤهِّلات شعبه، يشارك كل قادر على خدمة بلده وأمته . .
دولة قانون، فلا محاباة ولا تمييز، ولا تحايل ولا تزوير، ولا تفريط، ولا طائفية . . القانون يسري على الجميع، فالمحسن يأخذ جزاء إحسانه، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، والعقوبة ينالها المجرم بقدر جرمه، ولا يتهم أحد بغير جريرة، ولا يؤخذ بذنب غيره.
دولة يُحترم فيها الإنسان، وتُحفظ حقوقه، وتُحفظ حياته وكرامته، ويُمنَع عنه الأذى والاعتداء والتعذيب والإجرام والسجن بغير حق.
دولة مدنية، لا يتسلط فيها العسكر ورجال الأمن، ولا يُستغَل فيها الدين ولا الحزب ولا العشيرة ولا النَسَب؛ ليجعل بعض رجالاتهم من أنفسهم آلهة على الناس فوق القانون.
دولةُ تَطَوُّر، يسعى فيها الجميع مع الدولة للرفاهية والراحة والحياة الأفضل . .
سعياً إلى هذه الدولة المنشودة . . فليشارك كل سوري، كل مسلم، كل نصراني، كل نصيري علوي، كل درزي، كل كردي، كل أرمني . . في هذه الثورة والانتفاضة، الساعية إلى التغيير والإصلاح، الباحثة عن الحرية والعدل والحق.
ـ وإذا كانت الطوائف والأديان والأقليات يطالبون أهل السنة وقياداتِهم وعلماءَهم بأن يطمئِنوا الشعب السوري بكل أطيافه، يطمئنوهم على المستقبل، فالحق أننا نحن أهلُ السنة الذين نحتاج إلى تطمين منكم، لأننا إسلامنا يأمرنا بالحسنى معكم ومع الناس جميعاً . . مع كل من لم يظلم، فلا نستطيع تجاوز أمر الله، ونخاف عذاب الله في الآخرة.
نحن في ديننا الإسلامي يأمرنا ديننا أن نعامل الناس ـ غير الظالمين ـ بالرحمة والإحسان والعدل والبر، وعدم التعدي على حريتهم وحقوقهم وإنسانيتهم وبشريتهم، مع مطالبتهم بواجباتهم، ويأمرنا ديننا أن نحاوركم بالتي هي أحسن وبالحكمة والموعظة الحسنة، وينهانا عن الظلم والغدر والخيانة لغير المسلمين، ومَن كان ظالماً ـ حتى لو كان من غير ديننا ـ يأمرنا بعقابه على قد ظلمه وجرمه، بغير زيادة.
وإنما نخاف من كثير منكم، لأن عدم مبالاتكم بأمر الله، وعدم إيمانكم بالحساب؛ يجعلنا نخاف أن تكونوا كل يوم برأي، وأن لا تبالوا بظلمنا، كما مر علينا في العقود الماضية، من هضم الدولة العلوية لحقوقنا وحرياتنا.
والمسلمون ما ضَيعوا حق شعوبهم وحرياتِهم عبر تاريخ الدولة الإسلامية والخلافة، [والحالات الفردية لا عبرة بها] وليس المسلمون كما يُروَّج اليوم قتلة ويريدون أن يبيدوا غيرهم، فلو كان ذلك صحيحاً لما بقي في الدولة الإسلامية نصارى ويهود ونصيرية ودروز وشيعة.